الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية هل نصنع هيروشيما فكريّة لدحر الثقافة المتخلّفة الداعشية؟

نشر في  04 مارس 2015  (10:14)

في حلقة جديدة من مسلسل الهجمات البربرية والوحشية التي يشنها تنظيم داعش الإرهابي على الإنسانية جمعاء، عمد مقاتلو التنظيم مؤخّرا الى اقتحام متحف الموصل وتكسير مجموعة من أقدم التماثيل والآثار الموجودة به، الراجعة إلى الحضارة الآشورية التي بنت واحدة من أقدم وأعرق الحضارات التي عرفتها البشرية على أرض العراق منذ آلاف السنين.
وعلى خلفية هذا العمل البربري الشنيع الذي أثار استنكار واستهجان العالم أجمع، ارتأت أخبار الجمهورية رصد تعليقات لفيف من المفكرين التونسيين بهذا الخصوص وكذلك معرفة آرائهم حول أهمية الفكر والثقافة في غلق وصدّ بوابة التخلف التي فتح داعش فوهة جحيمها.

عبد اللطيف الحناشي: داعش يذكرنا بهولاكو

أكد الأستاذ في التاريخ المعاصر والراهن بجامعة منوبة عبد اللطيف الحناشي أنّ ما قام به هذا التنظيم هو عمل وحشيّ يذكرنا بما أتاه هولاكو عند غزوه لبغداد وأضاف: «هو ألقى بالكتب في وادي الرافدين ولكن داعش حرقت الكتب وحرقت الإنسان ودمرت جزءا من الذاكرة الإنسانية...المسلمون الأوائل وبعد فتحهم لبلدان ذات حضارات عريقة كإيران وبلاد الشام ومصر وتونس حافظوا على التراث المادي لتلك البلدان ولم يمسّها بسوء فالأهرامات ومسرح قرطاج والجم مثلا ظلّت كما هي عليه... بالتأكيد وقعت تجاوزات لكنها كانت محدودة»...
وواصل محدّثنا «إذا وفي القرن 21 وحين بلغ الإنسان تقدما لا مثيل له في كل الميادين نكون شاهدين على أكبر مجزرة في حق الذاكرة البشرية انه الإجرام والتوحش، أذكّر فقط أن الدليل النظري أو الإيديولوجي «لداعش» يحمل عنوان «إرادة التوحشّ» فماذا يمكن أن ننتظر منهم خير هذه الوحشية المدمّرة؟».
من جهة أخرى، عدّد الأستاذ الحناشي الحلول الممكنة للتصدّي لهذا التنظيم الوحشي وقال: «إنّ تنظيم داعش «الدولة الإسلامية» يمثّل مشروعاً شمولياً على المستوى الفكري، وتوسُّعياً على المستوى الجغرافي.يعد هذا التنظيم مشروعاً معقداً ومركّبا؛ فقد اعتمد منذ انبعاثه على العنف والإرهاب لتحقيق مآربه، سواء لتصفية مخالفيه والمتصدين له، أو للسيطرة على مصادر الطاقة وعلى الحدود الدولية».
وواصل: «لذلك يمكن اعتباره مشروعاً معقّداً ومركبا؛ إذ تتطلب عملية التصدي له أولاً، تحديد العوامل التي ساعدت هذا التنظيم على التمدد الجغرافي والتضخّم البشري، ومن ثمّ تحديد المخارج الممكنة للتصدي لهذه الظاهرة من أجل محاصرتها، وتقليص حجم انتشارها، حتى التمكن من القضاء عليها.... ولا شك أن تطور هذا التنظيم على الأرض يتطلب آنيا وعاجلا تنسيقاً أمنياً واستخباراتياً بين الدول العربية جميعها، بهدف منع نشاط عناصر هذا التنظيم وتوابعه في هذا الإقليم أو ذاك، وخاصة ضرورة وقف نزيف هجرة الشباب إلى ساحات القتال.
ثانياً: تدخلاً عسكرياً، عربياً، مباشراً حتى لا يتمدد التنظيم جغرافياً على حساب دول أخرى فإن كان لايزال هنالك رادع ثقافي وفكري.. كيف يمكن توظيفه بنجاعة ضد الطوفان الداعشي؟ وباعتبار أن أصل الإرهاب، السياسي، هو في الأصل عنف فكري وعقائديّ، على أساس أن الفكر يولد السلوك ويحدّد شكله ومداه، فإن عملية التصدي لهذه الظاهرة يجب معالجتها، من خلال إقامة استراتيجية واضحة تعتمد على:
ـ قراءة تاريخية لأصل التطرف الفكري ونشأته، وأهم رموزه وأهدافه ومقرراته ووسائله وأساليبه ومحاضنه .
ـ تفكيك الجذور الفكرية التي يستند عليها الإرهاب ويتغذى منها وذلك بالاعتماد على علماء الدين المتمكّنين والمتعمّقين، العارفين بتفاصيل وخصائص الشريعة ووسطية الإسلام السمح، والتي تعد سمة ثابتة وبارزة في الاعتقاد، والتشريع، والتكليف، والعبادة، والشهادة»...
كما اعتبر عبد اللطيف الحناشي في نهاية حديثه معنا انّه لا يمكن للعالم أن يتصدى لفساد وبطلان فكر الغلو والتطرف، ما لم يكن مقتنعاً لدرجة اليقين بفساد فكر هؤلاء، مالكاً لأسلوب بيداغوجي يعتمد الحجة والدليل وقوة الإقناع الحقيقي ولمواجهة ثقافة الإرهاب والتطرف، لا بد من نشر الثقافة الديمقراطية القائمة على الانفتاح واحترام الرأي الآخر، وعلى الحرية والعدالة وتأصيل الثقافة الشاملة، ونشر الثقافة الإسلامية التي تدعو إلى التراحم والتسامح والمحبة والتعايش والإخاء، والعمل على مواجهة ثقافة الفتنة والتطرف.

عبد المجيد الشرفي: الحل في إعداد  ورشة عمل متكاملة..

عبّر الباحث والمفكّر التونسي عبد المجيد الشرفي، عن استنكاره وتنديده الشديدين لتعمّد التنظيم الإرهابي داعش تحطيم آثار تاريخية في الموصل تعود للحقبة الآشورية قبل آلاف السنين، واعتبر أنّ هذا العصر بات يعاني من وجود زمرة «ركبها» الجهل والتعصّب لدرجة ارتكاب جرائم لا تمت للإنسانية والبشرية بأية صلة.
وفي ذات الصدد شدّد الباحث على  ضرورة إيجاد السبل الكفيلة والناجعة للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي الضّال وذلك عن طريق حلين ناجعين أولهما يكمن في الحل الأمني والعسكري العاجل، والثاني يتمثل في إعداد ورشة عمل متكاملة تعنى بالعديد من الجوانب سواء الثقافية أو الفكرية والاجتماعية والسياسية ومعرفة مكمن الداء ومعالجته والمتمثل في الأسباب التي دفعت بعديد المقاتلين الوافدين من بلدان عربية وغربية في الانضمام إلى صفوف ذلك التنظيم الوحشي..
 
رجاء بن سلامة: الثّقافة والتربية هما الحلّ..

من جهتها أعلنت الجامعية رجاء بن سلامة الحداد على العراق وعلى حضارة ما بين النّهرين، اثر تحطيم متحف الموصل، مشددة على جهل عناصر ذلك التنظيم المتخلف الذين لو تمكّن لهم قراءة الأساطير القديمة والآدب والتّاريخ والفلسفة لما وصلوا إلى هذا التوحش وفق تعبيرها.
وقالت بن سلامة اللّعنة على «الثّقافة الجديدة» التي خرجت من رحم الوهّابيّة ثمّ الإسلام السياسيّ. وقالت: «هل قرأ محطّمو متحف الموصل «ملحمة قلقامش» التي تذكر طوفان نوح قبل الكتب السّماويّة؟ لو قرؤوها لما حطّموا التّماثيل. لو قرؤوا الأساطير القديمة والآدب والتّاريخ والفلسفة لما وصلوا إلى هذا التّوحّش.  الثّقافة هي الحلّ. التّربية هي الحلّ».

منارة تليجاني